[color:66a9=blue:66a9]المرحلة الثالثة:
تطوير استراتيجية إدارة الموارد البشرية:
بناء على تحليل البيئة الداخلية والخارجية للمنظمة يتم إعداد استراتيجية المنظمة العامة، وفي ضوء متطلبات الاستراتيجية العامة تقوم جميع إدارات المنظمة بإعداد استراتيجيتها.
ونستعرض فيما يلي بعضَ الاستراتيجيات التي قد تلجأ إليها المنظمة، ونعرض من خلالها الاستراتيجية التوافقية لإدارة الموارد البشرية:
- في حال ما إذا كانت استراتيجيةُ المنظمة استراتيجيةَ توسع: تقوم استراتيجية إدارة الموارد البشرية على أساس استقطاب أعداد كبيرة من الموارد البشرية لمواجهة أعباء ومتطلبات الحجم الكبير للعمل في المستقبل، ومن ثم توسيع عملية الاختيار والتوظيف، وإعداد الكثير من برامج التعلم والتدريب والتنمية، وزيادة نشاط حماية العاملين من مخاطر العمل والمحافظة على سلامتهم، والقيام بإعداد وتصميم برامج للتعويضات والحوافز لترغيب العاملين في البقاء والاستمرار في المنظمة.
- في حال ما إذا كانت استراتيجيةُ المنظمة استراتيجيةَ اندماج مع منظمة أخرى: تقوم استراتيجية إدارة الموارد البشرية على أساس الاستغناء عن جزء من مواردها البشرية الحالية. ويقع على إدارة الموارد البشرية هنا مسؤولية تحديد العناصر التي سيتم الاستغناء عنها، وكيفية تعويضهم مالياً، وكيفية دمج الموارد البشرية في المنظمتين، وتحقيق التعاون الكامل والتوافق فيما بينها، وذلك لضمان سير العمل طبقاً للخطط الموضوعة، دون حدوث هزات مالية أو معنوية تؤثر تأثيراً مباشرا أو غير مباشر على المنظمة بعد الاندماج، وتحديد ماهية البرامج الثقافية والتعليمية والتدريبية والتنموية التي تتناسب مع الموارد البشرية بعد اندماجها.
- في حال ما إذا كانت استراتيجية المنظمة استراتيجية تنوع المنتجات: تبني إدارة الموارد البشرية استراتيجيتَها في هذه الحالة على أساس تخطيط حاجة المنظمة لموارد بشرية متنوعة، وهذا يتطلب منها القيام بإعداد وتصميم برامج استقطاب متنوعة، وبرامج اختيار وتوظيف وتعلم وتدريب وتنمية متنوعة، فضلا عن برامج حماية وسلامة العاملين من مخاطر وإصابات العمل متنوعة أيضا.
- في حال ما إذا كانت استراتيجية المنظمة استراتيجية استقرار: هنا ستقوم إدارة الموارد البشرية بوضع استراتيجيتها على أساس استقطاب أعداد قليلة من الموارد البشرية الجديدة، والبقاء على برامج التعلم والتدريب والتنمية على حالها أو تحديثها قليلاً، وعدم التجديد في برامج حماية وسلامة العاملين، ولكن يجب على إدارة الموارد البشرية أن تحدث وتزيد برامج التعويضات والحوافر المالية، بهدف تحفيز العاملين، ودفعهم إلى المحافظة على بقاء حالة الاستقرار التي تنتهجها المنظمة كاستراتيجية.
- في حال ما إذا كانت استراتيجية المنظمة تحقيق التميز في الجودة: هذا يتطلب من إدارة الموارد البشرية أن تسعى عند بناء استراتيجيتها الاستقطابية إلى استقطاب العمالة الماهرة والمميزة، وفي المقابل الاستغناء عن العمالة نصف الماهرة، بهدف تحقيق استراتيجية المنظمة التي تهدف إلى تميز منتجاتها وخدماتها، وتقوم استراتيجية إدارة الموارد البشرية فيما يخص التعلم والتدريب والتنمية على أحدث ما توصل إليه العلم، وأحدث البرامج التدريبية التي تساعد العمالة الحالية والجديدة على الوقوف دائماً على كل جديد يتعلق بمجال عملهم، وتمكينهم منه بهدف الوصول من خلالهم إلى منتج أو خدمة خاصة بالمنظمة ذات جودة عالية، وميزة نسبية، تمكنها من التفرد، والحفاظ على حصتها السوقية إن لم تتمكن من زيادتها، في ظل منافسة شديدة وقوية. فضلا عن قيام إدارة الموارد البشرية بإعداد وتصميم برامج خاصة بالتعويضات والحوافز المالية والعينية والمعنوية التي تحفز العاملين دوماً على الإنتاجية، والإبداع والابتكار، فيشعرون بالعائد المباشر وغير المباشر على جهدهم في المنظمة.
- في حال ما إذا كانت استراتيجية المنظمة قيادة التكلفة: إذ تقوم هذه الاستراتيجية على تحقيق أعلى معدل كفاءة إنتاجية من خلال العلاقة بين المخرجات (المنتج والخدمة) والمدخلات (العناصر الداخلة في العملية الإنتاجية – التكاليف)، أي تسعى هذه الاستراتيجية إلى إنجاز أكبر قدر من المنتجات بأقل قدر من التكاليف، وذلك بهدف طرح المنتج بسعر تنافسي في السوق لا يمكن للمنظمات المنافسة أن تبيع به، فتبني إدارة الموارد البشرية استراتيجيتها في هذه الحالة على استقطاب الموارد البشرية ذات المهارات العالية والمتميزة -والقادرة على الإنتاجية بأعلى معدلات من الكفاءة وبأقل تكلفة ممكنة– وكيفية المحافظة على هذه العمالة؛ إذ تقوم إدارة الموارد البشرية بتصميم البرامج التعليمة والتدريبية والتنموية التي تهدف إلى تنمية وتطوير مهارات وقدرات الموارد البشرية، وتمكينها من الأداء بكفاءة عالية، وفي الوقت نفسه تمكنها من تقليل الفاقد من الموارد، فضلا عن استغلال كل الطاقات وفي كل الأوقات بحيث يتم الاستغلال الأفضل –إن لم يكن الأمثل– للوقت، وفي ظل استراتيجية قيادة التكلفة أيضا تسعى إدارة الموارد البشرية إلى وضع نظام للتعويضات والتحفيز المالي يعتمد على الاستغلال الأمثل للموارد المتاحة، وتقليل تكلفة الإنتاج إلى أقل المعدلات الممكنة.
- في حال ما إذا كانت استراتيجية المنظمة التنبؤ ووضع الاحتمالات (التوقع): إذ تهدف هذه الاستراتيجية إلى توافق وتكييف إمكانيات المنظمة وظروفها الداخلية مع المحتمل أو المتوقع وقوعه في البيئة المحيطة، فإذا توقعت المنظمة زيادة كبيرة في الطلب على منتجاتها وخدماتها، فهي تأخذ عندئذ باستراتيجية التوسع، أي تعمل على زيادة إنتاجها لمواجهة زيادة الطلب هذه، وإذا توقعت أن منافسيها قد زادوا من جودة منتجاتهم وخدماتهم، فتأخذ المنظمة باستراتيجية التميز في الجودة، أي تعمل على رفع مستوى جودة منتجاتها وخدماتها. فالمنظمة في هذه الحالة تتبنى استراتيجية تهدف إلى توفير أعلى درجات المرونة في كيفية التأمين والحصول على مواردها، لكي تتمكن من مواكبة ما يحدث من تغيرات تتوقعها في البيئة المحيطة بها، والتكيف معها في أقل وقت ممكن، ولكي تنجح المنظمة في تحقيق هذا التكيف عليها أن تتفاعل وتراقب التغيرات التي تحدث في البيئة بشكل مستمر.
وفي ظل هذه الاستراتيجية العامة للمنظمة تبني إدارة الموارد البشرية استراتيجيتها على أساس استقطاب الأفضل والأنسب وذا الكفاءة العالية والمتميزة من الموارد البشرية، وتولي العناية الفائقة بهذه الموارد من حيث التدريب والحوافز المالية والحماية الصحية، فهي تتعامل مع نوعية مميزة من العناصر البشرية، مطلوب منهم تحقيق أعلى المعدلات الإنتاجية من حيث الكم والكيف.
المرحلة الرابعة:
تطوير استراتيجية وظائف وممارسات إدارة الموارد البشرية:
تقوم إدارة الموارد البشرية ببناء استراتيجية وظائفها (استقطاب، اختيار وتوظيف، تدريب، تعويضات، علاقات العمل) وممارساتها المستقبلية داخل المنظمة بطريقة تنسجم وتتكامل وتتوافق وتعمل على تحقيق استراتيجيتها، التي تعمل على تحقيق الاستراتيجية العامة للمنظمة.
فتقوم إدارة الموارد البشرية ببناء استراتيجية منفصلة لكل وظيفة من وظائفها كما يلي:
1- استراتيجية تكوين الموارد البشرية: تقوم إدارة الموارد البشرية بتقدير دقيق لاحتياجات إدارات المنظمة ونشاطاتها وأعمالها المتنوعة من الموارد البشرية، مراعيةً في ذلك العدد والمواصفات والكفاءات والمهارات، ثم يتم تحديدُ مصادر الحصول عليها، وتُتبِع ذلك ببناء برامج استقطابها، واختيار الأحسن والأفضل من بينها، الذي يمكنه تنفيذ الأعمال والمهام التي ستوكل إليه، ومن ثم السعي إلى تحقيق الاستراتيجية العامة للمنظمة.
ويمكننا أن نجزئ استراتيجية تكوين الموارد البشرية إلى:
- استراتيجية تصميم وتحليل النشاطات والأعمال والوظائف داخل المنظمة.
- استراتيجية تخطيط الموارد البشرية التي تحتاجها المنظمة.
- استراتيجية الاستقطاب.
- استراتيجية الاختيار والتوظيف.
2- استراتيجية التعلم والتدريب والتنمية: فمن المهام الرئيسة الملقاة على عاتق إدارة الموارد البشرية داخل المنظمة عملية وضع استراتيجيات خاصة بالتعلم والتدريب والتنمية من خلال وضع استراتيجيات فرعية مستقلة أهمها:
- استراتيجية للتعلم والتدريب المتواصل.
- استراتيجية للتنمية ورفع الكفاءات وتطويرها.
- استراتيجية لكيفية ومسار الترقي داخل المنظمة.
- استراتيجية لتقدير مستوى الأداء.
فعلى إدارة الموارد البشرية أن تصمم البرامج والنظم التعليمية لتثقيف العاملين في المنظمة، وإطْلاعهم على كل جديد يتعلق بمجال عملهم، وتصميم البرامج التدريبية والدورات التأهيلية لرفع الكفاءة الإنتاجية للعاملين، فضلا عن تصميم برامج التنمية المستمرة لتأهيل العاملين وجعلهم مستعدين لأداء مهام وأعمال ووظائف المستقبل التي تتطلب مداومة الاطلاع على كل حديث لكي تستطيع التكيف معها وقت تطبيقها، والتكيف السريع مع التقنية الحديثة والمتطورة التي قد تلجأ إليها المنظمة لزيادة جودة منتجاتها، أو للتوسع في عملياتها الإنتاجية لمواجهة زيادة الطلب على منتجاتها، وعلى إدارة الموارد البشرية أن تضع برامج لتقدير أداء العاملين مبنية على دراسات علمية، وخبرات عملية تمكنها من التقدير الصحيح لأداء العاملين، والوقوف بشكل دقيق على مستوياتهم الحقيقية، والتي تبنى على أساسها استراتيجية التعلم والتدريب والتنمية، وكذلك استراتيجية مسار الترقي داخل المنظمة.
3- استراتيجية التعويضات: تقوم إدارة الموارد البشرية ببناء استراتيجية التعويضات من خلال تجزئتها إلى استراتيجيات فرعية ومنها:
- استراتيجية الرواتب والأجور.
- استراتيجية الحوافز المالية.
- استراتيجية المزايا العينية والمزايا الوظيفية.
وتهدف إدارة الموارد البشرية من وراء هذه الاستراتيجية إلى تحقيق الدوافع المحفزة للموارد البشرية التي تعمل داخل المنظمة، لكي تحفزها باستمرار، وتستخرج منها أفضل ما لديها من مهارات وقدرات وإبداعات وابتكارات، وذلك بهدف تحقيق الأداء الفعّال والمتميز، ومن ثم الكفاءة الإنتاجية التي تؤدي إلى إنتاج منتجات وتقديم خدمات ذات جودة عالية، فضلا عن تحقيق معدلات عالية من الانتماء للمنظمة، وكل هذا يعمل في النهاية على تحقيق رسالة وأهداف الاستراتيجية العامة للمنظمة.
4- استراتيجية علاقات العمل: تقوم إدارة الموارد البشرية ببناء استراتيجية علاقات العمل من خلال تجزئتها إلى استراتيجيات فرعية ومنها:
- استراتيجية العلاقة مع الجهات الحكومية.
- استراتيجية السلامة والحماية.
- استراتيجية العلاقة مع المنظمات والنقابات الخاصة بالعاملين.
وتقوم إدارة الموارد البشرية ببناء هذه الاستراتيجية بغرض تحقيق التعاون والتفاهم المشترك بين المنظمة وبين الجهات الحكومية وغيرها من الجهات ذات العلاقة بالمنظمة، والمهتمة بشؤون العاملين من حيث ضمان حقوقهم وأمنهم وسلامتهم.
المرحلة الخامسة:
إنجاز استراتيجية إدارة الموارد البشرية:
تحتاج عملية تنفيذ استراتيجية إدارة الموارد البشرية إلى الكثير من المرونة، فالمنظمة تتأثر بالمتغيرات البيئية الداخلية والخارجية، ويمكن لإدارة الموارد البشرية أن تتفاعل وتتعامل وتستجيب أو لا تستجيب مع متغيرات البيئة الخارجية بأحد أسلوبين:
- أسلوب التعامل أو الاستجابة المسبقة (الوقاية): إذ تتعامل إدارة الموارد البشرية مع المتغير الخارجي (الحدث) قبل وقوعه.
- أسلوب ردة الفعل: إذ تتعامل إدارة الموارد البشرية مع المتغير الخارجي (الحدث) بعد وقوعه.
ومما لا شك فيه أن أسلوب التعامل المسبق مع الحدث أفضل في كثير من الأحوال من أسلوب ردة الفعل؛ إذ تتمكن إدارة الموارد البشرية في هذه الحالة من اتخاذ القرار المناسب لمواجهة هذا الحدث بعد دراسة مستفيضة، في حين إن أسلوب ردة الفعل لا يترك لها مجالا ولا وقتاً كافياً لاتخاذ القرار بعد دراسة مستفيضة؛ لأن القرار يأتي بعد وقوع الحدث، والحدث يفرض على إدارة الموارد البشرية أن تتعامل معه طبقاً للأمر الواقع.
وتتطلب عملية تنفيذ استراتيجية إدارة الموارد البشرية إعداد وتصميم العديد من البرامج، ووضع العديد من النظم والسياسات والإجراءات المتعلقة بشؤون العاملين داخل المنظمة.
ومن البرامج التي يتطلب من إدارة الموارد البشرية وضعها:
- برامج تتعلق بالمزايا الخاصة بكل وظيفة داخل المنظمة.
- برامج التعلم والتدريب والتنمية.
- برامج للاستقطاب.
- برامج خاصة بتقليل الصراعات التنظيمية بين العاملين في المنظمة.
- برامج خاصة بسلامة وصحة العاملين في بيئة العمل داخل المنظمة.
ومن النظم التي يتطلب من إدارة الموارد البشرية وضعها:
- نظام تقدير الأداء لجميع العاملين في المنظمة.
- نظام الثواب والعقاب (النظام التأديبي).
- نظام الاتصالات داخل المنظمة.
ومن السياسات التي يتطلب من إدارة الموارد البشرية وضعها:
- السياسات الخاصة باختيار وتعيين العاملين الجدد.
- السياسات الخاصة بحوافز العاملين الحاليين والجدد.
- السياسات الخاصة بعلاقات العمل مع الجهات الحكومية وغيرها.
المرحلة السادسة:
معرفة مدى تنفيذ استراتيجية إدارة الموارد البشرية:
لكي تتمكن إدارة الموارد من معرفة مدى تنفيذ استراتيجية إدارة الموارد البشرية لا بد لها من معاييرَ واضحةٍ ودقيقة لتقدير أداء تنفيذ استراتيجيها، وإن كان هناك من معيار دقيق يمكنها أن تقدر من خلاله أداءَ تنفيذ استراتيجيتها فلن يخرج عن معيار مدى مشاركة استراتيجية إدارة الموارد البشرية في تحقيق فاعلية الأداء التنظيمي داخل المنظمة، فنجاح استراتيجية إدارة الموارد البشرية يظهر بوضوح في نجاح الأداء التنظيمي للموارد البشرية، وليس النجاح فقط بل النجاح المتميز الذي يظهر من خلال مستويات الأداء العالية للموارد البشرية داخل المنظمة، وهذا النجاح المتميز لأداء العاملين نتج –بلا شك– عن ولاء وانتماء ورضا من العاملين حققته فيهم استراتيجيةٌ ناجحة لإدارة الموارد البشرية، فيؤدي بالقطع إلى تمكين المنظمة من تحقيق رسالتها وأهدافها أي تحقيق استراتيجيتها العامة.
المراجـع:
1 - د. عمر وصفي عقيلي "إدارة الموارد البشرية المعاصرة، بُعد استراتيجي" ط1، 2005م، دار وائل للنشر – عمان – الأردن.
2 - Charles W.L. and Gareth R. Jones, strategic management, an integrated approach, 4th ed., Houghton Miffilin, Boston, 1998.
3 - Richard L. Daft, organization theory and design, 4th ed., Ohio south western, 1988.[/size][/color][/size]