ومن الحلول التي يقدمها د. راشد الباز لتطوير إدارة الموارد البشرية في هذه المؤسسات الاجتماعية يذكر أنه نظراً لطبيعة العمل الاجتماعي والصعوبات التي تواجه المؤسسات الاجتماعية والخيرية ولاختلاف إدارة المؤسسات الاجتماعية عن إدارة المؤسسات الأخرى فهناك حاجة لإيجاد نوعية من المسؤولين في إدارة المؤسسات الاجتماعية والخيرية وبالتحديد في إدارة الموارد البشرية متخصصين في المجال الاجتماعي ولديهم الكفاءة والقدرة الإدارية بالإضافة إلى الحكمة والحنكة ما يجعلهم قادرين على التعامل الفاعل مع مختلف شرائح العاملين في المؤسسة وقادرين على اتخاذ القرارات الصائبة وفي الوقت المناسب وقادرين على التعامل مع الظروف والمستجدات، كما أن المؤسسات الاجتماعية والخيرية عليها أن تعمل لتهيئة الظروف المناسبة لتكون تلك المؤسسات جاذبة لأفضل العناصر البشرية، ومن ذلك يذكر د. الباز (تطوير الأنظمة الخاصة بالموارد البشرية- التقويم المستمر للعاملين المبني على الجدارة والكفاءة وليس على المعرفة والعلاقات الشخصية - تقديم الحوافز والمكافآت للمبرزين والمبدعين - تطوير الموارد البشرية في المؤسسة من خلال حسن اختيار العاملين وتأهيلهم وتدريبهم - السعي لتحقيق رضى العاملين، حيث توجد علاقة إيجابية بين رضى العاملين وجودة أدائهم - العمل على الاحتفاظ واستمرارية العاملين ذوي الكفاءة في المؤسسة حتى يحدث تسرب للعاملين - الاهتمام بالخدمات المساندة للعاملين كالتأمين الطبي- تقديم خدمات تُعين العاملين على الأداء الأفضل مثل تقديم استشارات اجتماعية للعاملين عند الحاجة- وتوفير التأمينات الاجتماعية الجيدة وخدمات ما بعد التقاعد).
المؤسسة التعليمية
وفي بحثنا عن ثغرات إدارة الموارد البشرية في مؤسساتنا التعليمية ارتأينا قسم هذا الباب إلى قسمين "تعليم عام - وتعليم عال" لنعطي كل مؤسسة حقها من التشريح والحلول.
"التعليم العالي"
ونبدأ مع مؤسسات التعليم العالي، تحدثنا عن ثغرات إدارة مواردها البشرية الدكتورة ماجدة إبراهيم الجارودي أستاذ مساعد متعاون في قسم الإدارة التربوية جامعة الملك سعود والتي أكدت لنا بداية أن الموارد البشرية في مؤسسات التعليم العالي، والتي قد يطلق عليها "إدارة الأفراد" أو شؤون الموظفين"، هي كغيرها في أي مؤسسة عامة أو خاصة وهي عبارة عن مجموعة من الأنشطة المهتمة باختيار وتعيين العاملين وترقيتهم ونقلهم وتدريبهم وتحديد أجورهم وبتحليل العمل المسند إليهم إضافة إلى توفير وسائل الأمن والسلامة لهم.
ومن السلبيات التي كانت ولازالت في هذه الإدارات تذكر د. الجارودي عدم اعتماد التدريب المسبق للتعيين، فعلى الرغم من السعي الحثيث من قبل الدولة لتنظيم عملية التدريب عبر قنواتها كمعهد الإدارة العامة مثلاً، إلا أن هذا التدريب يتم بعد تعيين الأفراد لا قبله، فنحن في القرن الواحد والعشرين عصر السرعة والدقة والمهارة والفعالية في الأداء عصر يحتاج إلى التحول السريع من الأساليب القديمة إلى أساليب حديثة تتواءم مع متطلبات عصر الانترنت والعولمة، وهذه السلبية في التعيين دون اشتراط التدريب تنعكس على الأداء المتوقع من الأفراد في مؤسسات التعليم العالي.
وللعقاب برأيها أشكال مختلفة منها ما يكون مادياً ومنها ما يكون معنوياً، وللمؤسسة اختيار أيهما تراه مناسباً للأفراد، ولكن بضمان أنه سيعمل على ردع المتهاون والمقصر.
وترى عدم قصر عملية الابتعاث لحضور المؤتمرات والدورات التدريبية في خارج البلاد على فئة أو مرتبة معينة من الأفراد يعيق عملية التقدم الوظيفي والأكاديمي على حد سواء.
وتأمل د. الجارودي أن يكون في هذه النقاط التي ذكرتها ما يؤكد على ضرورة إعادة تنظيم وهيكلة إدارات الموارد البشرية في مؤسسات التعليم العالي لتكون على المستوى المطلوب من النجاح والكفاءة.
مؤسسات "التعليم العام"
ونتوقف هنا لتبيان ثغرات إدارة الموارد البشرية في "تعليم البنات" كنموذج عن مؤسسات "التعليم العام"، وفي هذا المجال تحدثنا هيفاء محمد هلال المطيري عضو هيئة التدريب بمعهد الادارة العامة والتي أكدت أن إدارة الموارد البشرية في تعليم البنات تواجه بعض نواحي القصور أو الخلل، ونحن هنا - والحديث لها - ليس بصدد توجيه التهم أو القاء اللوم على صرح تعليم البنات ولكن في الحقيقة هناك عدة أسباب أسهمت في حدوث نواحي القصور تلك، بعض هذه الأسباب يعود برأيها إلى جهاز تعليم البنات والبعض الأخر يعود إلى عوامل خارجية أخرى، وتجمل في تحليلها أسباب هذا القصور في ثلاثة أسباب رئيسية: أولها (أسباب تعود إلى خلل الأنظمة الإدارية والمالية المطبقة على الأجهزة الحكومية بما فيها مؤسسات التعليم العام)، وتذكر من ذلك نظام الخدمة المدنية، حيث له دور كبير في مشاكل إدارة الموارد البشرية التي تواجه تعليم البنات، وتوجد العديد من الثغرات في جوانب متعددة منه ، مثل الثغرات في سياسات التعيين وإحداث الوظائف والحوافز خاصة عدم الربط بين كفاءة الأداء والحصول على تلك الحوافز.. الخ، أيضاً تذكر الأنظمة المالية المطبقة على الأجهزة الحكومية خاصة نظام الميزانية، من حيث الأسلوب المستخدم في اعدادها ووسائل متابعة ورقابة الجهات الحكومية في صرف مستحقاتها، وما تود - هيفاء - التأكيد عليه هنا هو أن تعليم البنات منذ بداية التخطيط التنموي الشامل في المملكة لم يواجه نقص في الموارد المالية، حتى في الفترات التي عانت فيها الميزانية من نقص في الإيرادات، فقد كان يخصص للتعليم المبالغ المالية الكافية، ولكن كانت المشكلة التي كانت تواجه تعليم البنات هي سوء استخدام واستغلال الموارد المالية، وذلك بسبب كما أسلفنا، أسلوب الميزانية المستخدم والذي تقرره وزارة المالية وايضاً غياب الرقابة والمساءلة على استخدام تلك الموارد نتيجة لقصور دور الجهات الرقابية خاصة ديوان المراقبة العامة والذي يهتم بمراقبة الحسابات دون الاهتمام برقابة الأداء.
أما ثاني الأسباب الرئيسية التي تذكرها هيفاء المطيري فهي أسباب تعود إلى تعليم البنات (من حيث سياسات العمل فيها واجراءاتها وهياكلها التنظيمية)، حيث عرف عن جهاز تعليم البنات أنه من الأجهزة البيروقراطية التقليدية والتي تمارس قدراً كبيراً من المركزية في اتخاذ القرارات، وتظهر مظاهر المركزية في كثرة الإمضاءات والموافقات والشروحات التي تمر بها اية معاملة سواء كانت صغيرة أو كبيرة، وضرورة عرض كل صغيرة وكبيرة على المستويات الإدارية العليا، كما نلاحظ في جهاز تعليم البنات وجود ظاهرة التكرار والازدواجية في اختصاصات وصلاحيات الإدارات فيها.
مظاهر الخلل
وبعد أن أكدت الأستاذة هيفاء وجود خلل في إدارة موارد تعليم البنات وبينت أسبابه ، تعود لتفصّل تبيان مظاهر الخلل في هذه المؤسسة فمن الناحية الإدارية يعتبر- من وجهة نظرها- أن الاستخدام الفعال للموارد البشرية في أي منظمة يتضمن القيام , بقوة نفوذ الموارد البشرية.
المصدر مجموعة الموارد البشرية