يعد عبد الرزاق السنهوري باشا واحد من اهم رموز العالم العربي الحديث ان لم يكن اهمهم , فقد ساهمت جهودة , في عصرنة العالم العربي برمته ومحاوله الحاقة بركب العالم الحديث , فقد ساهم في وضع وارساء جميع القوانيين العصرية للعالم العربي واستبدالها بنتف الاقدمين
-ولد عبد الرزاق السنهوري باشا ، عام 1895م في مدينة الإسكندرية. وكان والده موظفاً بمصلحة الصحة.
-دخل مدرسة راتب باشا الابتدائية، ثم مدرسة العباسية الثانوية، فتخرج فيها وكان ترتيبه الثاني في جميع القطر المصري. ثم انتقل إلى القاهرة ودخل مدرسة الحقوق سنة 1913م، ونجح إلى الصف الثاني، فتوفي والده عام 1914م، فاضطر إلى التوظف في مراقبة الحسابات في وزارة المالية، واستمر في دراسته (منتسباً)
-حصل على شهادة الليسانس عام 1917م، وكان ترتيبه الأول.
-عين وكيلاً للنائب العام في المنصورة عام 1917م. ثم انتقل إلى مدرسة القضاء الشرعي لتدريس القانون فيها عام 1920م.
-سافر في بعثة إلى فرنسا، وتتلمذ على القانوني الفرنسي (لامبير)، وحصل على شهادة الدكتوراه في العلوم القانونية سنة 1925م برسالته (القيود التعاقدية الواردة على حرية العمل)، ثم حصل على الدكتوراه في العلوم الاقتصادية والسياسية، وكان موضوع رسالته (الخلافة الإسلامية)، ثم على الدبلوم من معهد القانون الدولي بجامعة باريس.
-عاد إلى القاهرة عام 1926م وعين مدرساً في كلية الحقوق، ثم اشتغل محامياً أمام محكمة النقض والإبرام، ثم عاد عام 1935م إلى كلية الحقوق.
-في عام 1938م انتقل من عمادة كلية الحقوق إلى وظيفة قاضي بالمحاكم المختلطة، ثم عُين وكيلاً لوزارة المعارف عام 1939م، ثم في عام 1942م اشتغل بالمحاماة.
-عُين عام 1944م وكيلاً لوزارة العدل، ثم وزيراً للمعارف عام 1945م ثم وزيراً للدولة، ثم وزيراً للمعارف مرة ثانية عام 1946م، وأيضاً مرة ثالثة عام 1948م.
-في عام 1949م عُين السنهوري رئيساً لمجلس الدولة .
-حصل بينه وبين جمال عبد الناصر ورفاقه خلاف حاد أدى إلى طرده من مجلس الدولة عام 1954م.
-اعتزل –بعد ذلك- الحياة العامة، ومنعته الحكومة من السفر إلى خارج مصر، واقتصر نشاطه على ندوة في منـزله يقيمها مساء كل يوم أربعاء.
قام بعمل القوانين الوضعية التالية: -القانون المدني المصري عام 1936، حيث عرضت الحكومة المصرية على السنهوري القيام بعمل قانون جديد لها بدل القانون المصري القديم الذي أنشئ زمن الاحتلال الإنجليزي لمصر عام 1883م، فقام بذلك متعاوناً مع أستاذه الفرنسي (إدور لامبير) الذي وضع الباب التمهيدي.
وقد صدر هذا المشروع في يوليو 1948م، وبدأ تنفيذه في أكتوبر عام 1949م.
وقد قال السنهوري مفتخراً بقانونه الوضعي هذا:
جهود منهكات مضنيــات وصلت الليــل فيهـا بالنهار
وكنت إذا استبد اليأس يوماً أسـل عزيمة الأسـد المثــار
ثم وضع السنهوري باشا أو ساهم في وضع الدستور المصري بعد مرحلة ما بعد عبد الناصر .
2-عمل قانون العراق بطلب من رشيد عالي الكيلاني عام 1936م، وعندما عاد إلى بلاده (اصطحب معه العشرة الأوائل من أبناء كلية الحقوق ببغداد، وألحقهم بكلية الحقوق بالقاهرة، فكانوا نواة الأساتذة العراقيين الذين اضطلعوا بتدريس القانون هناك فيما بعد) !
3-عمل قانون سوريا عام 1943م.
4-عمل قانون ليبيا 1953م، بدعوة من الحكومة الليبية بعد استقلالها.
5-عمل دستور دولة الكويت في عهد أميرها عبد الله السالم الصباح عام 1960 – 1961م.
6-عمل دستور السودان .
7-عمل دستور دولة الإمارات العربية المتحدة.
8-وضع لإمارة البحرين مجموعة من القوانين العصرية)
تقوم الفكرة التي آمن بها السنهوري لارساء القوانيين العصرية على البلاد العربية على خطوتين:
1- (وجوب) تطويع الشريعة الإسلامية لتتوافق مع متطلبات العصر -مهما كانت-، وليس العكس!
2- التفريق في الشريعة الإسلامية بين:
I- العبادات: وهذه لا تقبل –في نظره- الاجتهاد والتطور.
المعاملات: وهي ما تقبل الاجتهاد والتطور بين عصر وآخر
يقول السنهوري: (إن الشريعة الإسلامية هي شريعة الشرق ووحي أحكامه، ومتى ألفنا بينها وبين الشرائع الغربية، فروح من الشرق وقبس من نوره يضئ طريقنا للمساهمة في نهضة الفقه العالمية
ويقول : (أمران وددت ألا أموت قبل أن تكون لي قدم في السعي إلى تحقيقهما: فتح باب الاجتهاد في الشريعة الإسلامية حتى تعود شريعة حية يستقي منها الشرق قوانينه
-ويقول السنهوري: (إن القرآن الكريم والحديث الشريف هما الجزء المجموع من القانون الإسلامي. وعندي أن لتفسيرهما يجب اتباع قاعدة أساسية وهي أن جزءاً من أحكامهما عام يصلح في عموميته لكل زمان ومكان، ولهذا وضع .
وجزءاً آخر خاص بالزمن والمكان اللذين وضع فيه فلا يتعدى إلى غيرهما إلا إذا اتحدت الظروف والأسباب.
وفي القرآن الكريم نفسه ناسخ ومنسوخ، والنسخ هو قصر بعض أحكام جاءت في ظروف خاصة على هذه الظروف، واستبدال أحكام أخرى بها، بعد زوال الظروف التي اقتضتها.
ومما يجب التنبيه عليه أن كل ما ورد في القرآن والحديث مما يتعلق بعلاقة الخالق بالمخلوق هو من الأحكام العامة التي لا تتغير؛ لأن ظروف علاقة الخالق بالمخلوق لا تتغير، وهذا معنى قوله تعالى: (اليوم أكملت لكم دينكم) فعنى بالدين هذه العلاقات. وقد وردت في القرآن مستوفاة لا حاجة إلى إكمالها.
أما ما عدا الدين من الأمور الدنيوية فلا تشمله الآية؛ والسبب في ذلك ظاهر وذلك أن القرآن أمرنا أن نطيع العقل في أمور معاشنا وأن ننزل على قوانين العقل في ذلك، ومن قوانين العقل قانون التطور، وهذا القانون يقتضي ألا تثبت الحالات الاجتماعية على نسق واحد بل هي تسير دائماً في تطور وتقدم، (ومثل هذا يقال أيضاً في الحالات الطبيعية) وأن من مقتضى هذا التطور أن تتطور معه علاقات البشر بعضها بالبعض وتتغير تبعاً لذلك القوانين الاجتماعية،
ويقول السنهوري باشا : (مهما كانت الحاجة الشديدة إلى النهوض بالشريعة الإسلامية وجعلها مطابقة لروح العصر الحاضر فلا يغيب عمن يريد القيام بإصلاح من هذا القبيل أن يترك للشريعة مرونتها ويكتفي باستنباط أحكام منها
تتفق مع العصر الذي هو فيه، دون أن يرتكب خطأ فيقول بصلاحية هذه الأحكام المستنبطة صلاحية مطلقة، فقد يجئ عصر آخر تتغير فيه المدنية والآراء السائدة في الوقت الحاضر، وقد يكون بعض من الآراء في فقه الشريعة لا يصلح في الوقت الذي نحن فيه ويجب تعديله في نظر البعض، ثم يأتي عصر آخر يكون فيه نفس الرأي صالحاً.
والمثل الذي أفكر فيه الآن هو الربا، ولا شك في أن من قواعد النظام الاقتصادي الآن رءوس الأموال وهذه لا تتهيأ إلا إذا تقرر مبدأ الفائدة المعتدلة، فيمكن أن يقول البعض إذن بتقييد الربا الممنوع في الشريعة على أنه الربا الفاحش وهذا تحرمه كل الشرائع ويحرمه العقل والمصلحة.
ولكن ليس من الأمانة العلمية ولا من المصلحة أن يدعي (من يريد إدخال هذا التغيير) أن هذا هو المعنى الذي فهمه المسلمون قبلا من الآيات التي تحرم الربا.
فالواقع أن المسلمين كانوا يحرمون الربا –كثيرة وقليله- ولم يكن في الأنظمة الاقتصادية في ذلك العهد ما لا يتألف مع هذا التحريم، فإذا جدت أنظمة اقتصادية في عصرنا تقتضي التمييز بين كثير الربا وقليله، وكانت المصلحة تقضي بهذا التغيير فيجب أن يؤخذ على أنه مقيد بالعصر الذي اقتضاه.
وقد يأتي زمن –وتوجد من البوادر ما يدعو لتوقع ذلك- ينتقض فيه النظام الاقتصادي الحاضر وتقل أهمية رءوس الأموال أو تنعدم ويصبح الربا الفائدة مهما قل لا يتفق مع روح العصر، فعند ذلك نرجع إلى ما فهمه المسلمون أولاً من وجوب تحريم الربا ويكون هذا صحيحاً وتتسع الشريعة الإسلامية بالتطور الجديد في الأفكار)
في النهاية تحية لرجل فكر حمل على كتفه هموم العرب , فحاول ان ينهض بهم ويرسم لبنائها الخطط ,