رسالة أمير المؤمنين ( عمر بن الخطاب ) إلى كل مشتغل بالقضاء
سلام عليك ، أما بعد : فان القضاء فريضة محكمة وسنه متبعة ، فافهم إذا أدلى إليك وانفذ إذا تبين لك فإنه لا ينفع تكلم بحق لا نفاذ له ، آس بين الناس في وجهك وعدلك ومجلسك حتى لا يطمع شريف في حيفك ولا ييأس ضعيف من عدلك . البينه على من ادعى، واليمين على ما أنكر ، والصلح جائز بين المسلمين إلا صلحا احل حراما او حرم حلالا .
ولا يمنعك قضاء قضية اليوم فراجعت فيه عقلك وهديت لرشدك إن ترجع إلى الحق فان الحق قديم ، ومراجعة الحق خير من التمادي في الباطل . الفهم فيما تلجلج في صدرك مما لي في كتاب الله ولا سنة النبي صلى الله عليه وسلم ثم اعرف الأشباه والأمثال فقس الأمور عند ذلك بنظائرها واعمد إلى أقربها إلى الله وأشبهها بالحق ، واجعل لمن ادعى حقا غائبا او بينه أمدا ينتهي إليه .
فإن احضر بينته أخذت له بحقه ، وإلا استحللت عليه القضية فان ذلك أنفى للشك وأجلى للعمي وابلغ في العذر . المسلمون عدول بعضهم على بعض ، إلا مجلودا في حد او مجربا عليه شهادة زور او ظنينا في ولاء او نسب .
فان الله قد تولى منكم السرائر ودرأ بالبينات والإيمان . إياك والغلق والضجر والتأذي بالخصوم والتنكر عند الخصومات . فان الحق في مواطن الحق يعظم الله به الأجر ويحسن الذخر. فمن صحت نيته ، واقبل على نفسه كفاه الله ما بينه وبين الناس ومن تخلق للناس بما يعلم انه ليس من نفسه شانه الله، فما ظنك بثواب عند الله عز وجل في عاجل رزقه وخزائن رحمته