shaheer Admin
عدد الرسائل : 877 العمر : 59 نقاط : 925 تاريخ التسجيل : 22/08/2007
| موضوع: يحكى أن البقرة ولدت جحشا قصة معبرة للأستاذ محمد ابو اليزيد المحامى السبت أغسطس 09, 2008 10:00 am | |
| عم "علي" لا يملك من حطام الدنيا غير بيت من غاب وطين يقع على احد أطراف قريته الصغيرة ، وأنثى حمار أنجبت له جحشا كان يستخدمها في تسويق بعض الخضر والفواكة في القرى المجاورة ، وفي أحد أيام الصيف القائظ ، كان عم علي على موعد مع جحشه على ضفاف نهر القرية ، وبعد أن قام عم علي بالاعتناء بالجحش وغسيله وتمشيط شعره غدا الجحش وكأنه "مهر" من حيث لون فريد يميز شعره وشوشة طويلة تتدلى من اعلى رأسه لتجاوز منتصف جبينه ، وحين ينطلق الجحش في حرية بين حقول القرية لا تراه يختلف عن جواد امرؤ القيس :
مكر مفر مقبل مدبر معا .. كجملود صخر حطه السيل من علي
لم يكن عم علي يعلم أن العمدة وزمرة خفره من "شلة المنافقين" يكمنون لجحشه وهو في طريق عودته إلى دارة حيث نهض نفر من الخفر وسحبوا الجحش إلى "زريبة" العمدة متعللين بأن هذا الجحش تعود ملكيته لحضرة العمدة. لم تجدي معارضة ومقاومة عم علي مع هؤلاء الاذناب نفعا ، فهرع إلى مجلس العمدة داخل دوراه مستجيرا به على ظلم خفرائه ، ولكنه استجار على الرمضاء بالنار ، فكان العمدة أشد ظلما وضلالا من كل خفرائه ، حيث قال لعم علي : ماذا دهاك يا رجل .. هذا الجحش هو أبن بقرتي ، فما الضير من أن يأخذه الخفر إلى حيث أمه في الزريبة!!؟
رد عم علي وهو يضرب كف على آخر : ماذا تقول يا حضرة العمد!!؟ كيف تلد البقرة جحشا!!؟ ولكن العمدة بادرة برد بارد ساخر : بقرة العمدة تلد ما تشاء وكيفما تشاء.
لم يجد عم علي بدا إلا أن يتوجه للمركز لشكاية هذا العمدة الفاجر الذي قال في ملابسات الجحش الصغير لعم علي وأهل القرية ما لا يتسق مع المنطق والعقل والفطرة ، والذي سخر واستهتر واستهان بذكاء الناس وفطنتهم حين قال لهم في بجاحة ان هذا الجحش قد ولدته بقرته.
وقف عم علي امام بوابة المركز في حيرة ، فهو لم يعتاد ارتياد هذه الاماكن التي يسكنها الخوف والقلق والرعب ، فاكتشف حيرته أحد أفراد الشرطة الواقفين في النوبتجية أمام باب المركز ، فسأله ماذا تريد يا عم؟
أجاب عم علي اريد شكاية حضرة العمدة ، سأله الشرطي : لماذا؟ سرد عليه عم علي حكايته ، وعلى الفور شجعه الشرطي في الدخول للضابط النوبتجي فهو شاب ابن عائلة محترمة وبذل له ابوه اكثر من مائة الف من الجنهيات لتسهيل قبوله في كلية الضباط ، فدخل عم علي على فوره وقص الحكاية للضابط الشاب .. هاج الضابط وماج .. وصاح وناح .. وسأل من هو هذا العمدة المفتري الذي يدعي ان بقرته انجبت جحشا؟ فرد عم علي إنه فلان بن علان ، فهبطت ثورة الضابط على فورها كهبوط عبوة الفوار بعد وضعها في كوب الماء بثانية وقال في صوت خافت بعد أن القى برأسه على كف يده : "يا نهار مش فايت ، فلان ابن علان قريب الباشا وزير الداخلية" ثم استدار لعم علي قائلا له : "وفيها إيه يا عم علي لما بقرة العمدة تولد جحش!!؟ يا عم علي ربنا قال في القرآن الكريم (سبحان من يحي العظام وهي رميم) ليه مستكتر على ربنا سبحانه وتعالى ان يجعل بقرة العمدة صاحب الانجازات الخلاقة في القرية واجوارها ان تلد جحا!!؟؟ اتفضل روح روح يا عم علي"
خرج عم علي فصادفه نفس الشرطي الذي ارشده لمكتب الضابط النوبتجي ، فسأله عما حدث فحدثه عم علي عما دار بينه وبين الضابط ، فبادره الشرطي "شوف يا عم علي اطلع عدل كده على البيه المأمور ، دا راجل لا يخاف في الله لومة لائم ولا يهمه لا وزير ولا دياولو " وأخذ عم علي بالنصيحة وصعد لمكتب البيه المأمور وقص عليه حكاية العمدة و حكاية حضرة الضابط هاج هو الاخر وماج وهاتف الضابط النوبتجي وهو في ثورة عارمة "إيه اللي بتقوله دا يا حضرة الضابط؟ بقرة ايه اللي تولد جحش؟ فأفهمة حضرة الضابط بأن العمدة المقصود هو فلان قريب الباشا الوزير فانابت حيرة شديدة البيه المأمور ورد في هدوء على عم علي : يا عم علي حضرة العمدة المحترم الكبرة قالك ان الجحش ابن البقرة ، وحضرة الضابط قالك ان ربنا قال في محكم كتابه(سبحان من يحي العظام وهي رميم) يبقى ليه مش عايز تصدق كلام حضرة العمدة ولا تآمن بكلام ربنا ، طيب يا عم علي انته كان ممكن تعرف ان ممكن البقرة تولد جحش؟ رد عم علي : لا طبعا ، فواصل البيه المأمور طيب يا عم علي ربنا قال في كتابه (ويخلق ما لا تعلمون) يبقى كده تاخد بعضك عدل على البلد وتكفي ع الخبر ماجور وما تفتحش بقك مع اي بني آدم خالص" ، قال المأمور كلامه الاخير هذا لعم علي وهو يهدد ويتوعد.
عاد عم علي إلى القرية ، وفي يوم الجمعة ذهب إلى المسجد مبكرا ليتحدث مع امام وخطيب المسجد الشيخ عبد التواب كعادته في كل اسبوع ، وبدأ عم علي ينفس عن ألمه وضيقه للشيخ عبد التواب ، فعقد الشيخ أمرا وحين اعتلى المنبر تناول قصة عم علي وجحشه بالتلميح ، فهم العمدة ما رمى إليه شيخ المسجد ، ولما انتهت الصلاة ، بادر العمدة بالخروج ليكمن للشيخ امام دواره ، فلما رآه دعاة ليشرب معه فنجانا من القهوة ، لبى الشيخ الدعوة ، وبينما هو يرتشف قهوته قال له العمدة : "يا شيخ عبدالتواب ، أنا عايز استفتيك الان في فتوى" ، فهم الشيخ ماهية هذه الفتوى وانها حتما ستتعلق بالجحش والبقرة ، فرد على العمدة والله يا حضرة العمدة أنا لا تجوز لي الفتوى الأن ، فقد فاجأني الحيض عقب الانتهاء من صلاة الجمعة مباشرة ، فرد العمدة: وهل تحيض الرجال يا مولانا؟ فأجابه الشيخ : وهل تلد البقرة جحشا يا حضرة العمدة!!!!!!!!!!!!؟ منقول منتدى المحامين
| |
|